لماذا نوثق التراث اللامادي؟
كتب أ.د. محمد الفرجات
التراث اللامادي أو المروي هو نتاج ممارسات وتفاعلات الإنسان والجماعات والمجتمعات والشعوب في محيطها وبقاعها الجغرافية وحضاراتها، وذلك في الحياة اليومية، من أجل الإستمرار، ويشمل العادات والتقاليد والأعراف والممارسات في المناسبات المختلفة والصناعة والزراعة.
ويشمل التراث اللامادي كذلك الحكم والأمثال والأهازيج والفلكلور الشعبي والألعاب الشعبية والقصص الشعبية، ويشمل كذلك عادات الطعام وإعداد المنتجات الغذائية، كما ويعد القضاء العشائري من أهم مواضيع التراث.
للتراث اللامادي عند الشعوب والدول أهمية سياسية وإجتماعية وإقتصادية، كما ويرتبط التراث بالثقافة إرتباطا وثيقا، وفي حين أنه لا يمكن فصل الشعوب عن تراثها، فإن سلوكها يرتبط بشكل كبير بتراثها، فمثلا عادات الكرم والفروسية متوارثة، وعادات قطف الزيتون والحصاد والدراس متوارثة، وعادات الصيد والقنيص متوارثة، وعادات الأفراح والأحزان متوارثة.
تسوق الدول تراثها وثقافاتها سياحيا، ويعتبر التراث اللامادي دعامة ومنتج سياحي هام بجانب سياحة الآثار وأنواع السياحة الأخرى، ولذلك أبعاد سياسية وإقتصادية هامة.
يعاني التراث اللامادي الضياع والإندثار، وذلك مع دخول تكنولوجيا الإتصالات والإنترنت والثورة الرقمية والعولمة، وبات التراث الشعبي العالمي يواجه مخاطر الضياع أمام هجرة الشعوب لأسبابها المختلفة، وأصبح التراث كذلك فريسة سهلة أمام نمو المدن ومدها العمودي بناطحات السحاب والأبراج من جهة، وأمام وهجرة أبناء القرى والريف والبادية للمدن من جهة أخرى.
بدأت الدول والمجتمعات والمنظمات المختصة تتنبه لخطر ضياع وإندثار التراث، وظهرت جمعيات ومراكز تعنى بجمع وتوثيق التراث وحفظه، وذلك بطرق مختلفة، من مقابلات وتصوير وجمع أدوات التراث القديمة، إضافة لإقامة المتاحف الشعبية، وجمع القصص والحكايات التي يرويها الأجداد، وكتابة التقارير وتوجيه الأبحاث الجامعية بهذا الإتجاه.
أقول للجميع وبكل جدية، إحذروا فإن المدرقة تسرق ونغمة ودقة العود تسرق وصحن الحمص والفلافل يسرقان، وهنالك من ينسبها لنفسه من الكيانات المغتصبة والتي لا تراث لها.
......
قمنا بإنشاء هذه المجموعة قبل أعوام على الفيسبوك من أجل توثيق تراثنا الذي نفاخر به كابر عن كابر، والذي يمثل هوية وعطاء حضارات زرعت وحصدت ودرست قمحها وطحنته وخبزته على هذا الثرى الطيب.
